كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



ومما يدل على أن الأمر هنا للندب قوله تعالى: {وَكَفى بِاللَّهِ حَسِيبًا (6)} على ما ادعى به من الإنفاق على اليتيم من ماله حال صغره وعلى ما ربح به وعلى ما أكل من ربحه إذا كان اشتغل به أو من نفس المال إذا كان عاجزا فقيرا ممن تلزمه نفقته، وطنه بقدر الحاجة مثل نفقة الفقراء، ويكتفي بيمينه بان أكله لم يكن لطمع فيه وإنه لم يبذر ولم يسرف في جميع ذلك وإنه قد حافظ عليه بقدر الاستطاعة، وعلى هذا العمل الآن وإلى آخر الدوران إن شاء اللّه إذا قيض لهذه الأمة من يحكم بشرعه هذا، ولو لم يصدق الولي أو الوصي بقوله فقط لما قبل أحد أن يكون وصيا على يتيم أو قيما على سفيه أو غائب أو مجنون أو شبهه، قال تعالى: {لِلرِّجالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوالِدانِ وَالْأَقْرَبُونَ} مقدر في علم الفرائض وأما أصوله فستأتي بعد {وَلِلنِّساءِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوالِدانِ وَالْأَقْرَبُونَ} أيضا مبين أصله في الكتاب، وفرعه في السنة واجتهاد الفقهاء المجمع عليه {مِمَّا قَلَّ مِنْهُ} من المال المتروك {أَوْ كَثُرَ نَصِيبًا مَفْرُوضًا (7)} لكل منهم كما سيأتي بعد.
قالوا كان توفي أوس بن ثابت الأنصاري فترك زوجته أم كهّة وثلاث بنات، فأخذ أبناء عمه سويد وعرفجه ماله ولم يعطياها ولا بناتها شيئا لأنهم كانوا لا يورثون النساء، وهذه أيضا باقية من بقايا الجاهلية حتى الآن لدى عرب الأرياف والبوادي وبعض الأعاجم على اختلاف مللهم ونحلهم، فشكت أمرها إلى النبي صلّى اللّه عليه وسلم فاستدعاهما فقالا إن ولدها لا يركبن فرسا ولا يحملن كلّا ولا ينكبن عدوا، وإن العادة المتعارفة عندنا عدم توريث مثلهم وانحصار الإرث فيمن يقاتل ويجوز الغنيمة ويحمي الحوزة، فأنزل اللّه هذه الآية، وإذ لم يبين فيها ما هو نصيب كل منهم أوعز إليهما أن لا يفرطا بشيء من المال حتى ينزل اللّه مقدار النصيب المار ذكره أول هذه الآية.
أما ما جاء بقوله صلّى اللّه عليه وسلم ساووا بين أولادكم بالعطية فلو كنت مفضلا أحدا لفضلت النساء، الا فاستوصوا بالنساء خيرا، فهو بعد نزول مقدار لنصيب الفرائض.
قال تعالى: {وَإِذا حَضَرَ الْقِسْمَةَ} للميراث {أُولُوا الْقُرْبى وَالْيَتامى وَالْمَساكِينُ} الذين لا حظّ لهم في الإرث {فَارْزُقُوهُمْ مِنْهُ} أيها الوارثون وجودوا عليهم بما تسمح به نفوسكم إذا كان المال لكم وحدكم وأنتم كبار وإلّا فإن كان فيمن يستحق الإرث صغير أو سفيه أو غائب فليس لكم أن تعطوا منه شيئا إلا محسوبا على نصيبكم {وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلًا مَعْرُوفًا (8)} عند ما تعطونهم ولا تعنفوهم على حضورهم ولا تمنوا عليهم بما تعطونه لهم واعتذروا من القليل إن لم تسمح نفسكم بأكثر منه وإذا كان الميراث للصغار أو الغائبين أو السفهاء فاعتذروا إليهم بعدم جواز إعطائهم شيئا منه لأنهم لا حق لهم بالتصرف به ولا دليل لقول من قال إن هذه الآية منسوخة بآية الميراث الآتية، لأن الأمر على طريق الندب لا الوجوب ولأنهم غير وارثين، لأن قريب الوارث أو الوصي على القاصرين أو اليتيم على الغائبين والسفهاء لا يكون وارثا دائما إذ قد يكون غير وارث {وَلْيَخْشَ الَّذِينَ} يحرضون المريض على الإيصاء بماله أو الإعطاء منه حالة المرض أو التصدق بأكثر من الثلث أو بالثلث على قول كما مرت الإشارة إليه في الآية 182 من سورة البقرة، ويحبذون له ذلك فيسببون فاقة أولاده من بعده، وليحذر أيضا الأوصياء الذين لا يحافظون على أموال القاصرين، وليعلموا أنه كما أنهم {لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ} وراءهم، وقد لمحت الآية 267 من سورة البقرة إلى هذا المعنى أي خلفوا {ذُرِّيَّةً ضِعافًا خافُوا عَلَيْهِمْ} من حيث لا يرضونه لأنفسهم، فلا يجوز أن يرضوه لغيرهم، قال صلّى اللّه عليه وسلم لا يكمل ايمان أحدكم حتى يحب لأخيه ما يجب لنفسه {فَلْيَتَّقُوا اللَّهَ} أمثال هؤلاء وليتباعدوا عما نهوا عنه، فلا يحملوا المريض على ما يئول لفقر أولاده، بل يأمرونه بالنظر لحالة ولده ويمنعونه من الوصية والصدقة والعطية بالثلث فما فوق، وإن كان ولابد فيما دون الثلث، لأن حضرة الرسول قال والثلث كثير راجع الآية 182 من البقرة {وَلْيَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا (9)} عدلا صوابا لا يحيف المريض به في الوصية ولا يمنعونه عنها بتاتا فيحرمون الفقراء والأقارب من فضله إن كان له مال كثير كما ألمعنا إليه في الآيتين المذكورتين من سورة البقرة، بل يحبذون له الإيصاء للأقربين الفقراء غير الوارثين والعلماء الصالحين والأيتام والأرامل المحتاجين، ليجد ثوابه عند ربه وليستفيد من ماله في الآخرة كما استفاد منه في الدنيا.
قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوالَ الْيَتامى ظُلْمًا} بغير حق فهو ظلم ولهذا هددهم اللّه بقوله: {إِنَّما يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا (10)} نزلت هذه الآية في مرشد بن زيد الغطفاني إذ أكل مال ابن أخيه القاصر.
وإنما سماه اللّه نارا لأنه يفضي لدخولها وهي عامة في كل من يأكل مال اليتيم أو يتصرف به بغير حق فينقصة أو يتلفه.
ألا فليحذر الأولياء والأوصياء والقضاة ومدير والأيتام وغيرهم من أن يتسببوا لنقص مال اليتيم فيدخلوا في حكم هذه الآية، أجارنا اللّه تعالى ووقانا وحفظنا وحمانا.
قال تعالى مبينا أيضا الوارثين جل بيانه: {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ} بصورة مطّردة في العصبات {فَإِنْ كُنَّ} الوارثات كلهن {نِساءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثا ما تَرَكَ} للمورث يقسم بينهن بالسوية والباقي للعصبة فإذا لم يكن هناك عصبة يأخذن الباقي بطريق الردّ على السوية أيضا {وَإِنْ كانَتْ} الوارثة أنثى {واحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ} فرضا والباقي ردا عند عدم العصبة وإلا فهو لعصبة الميت {وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ واحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ} إن كانا أحياء، وهذا {إِنْ كانَ لَهُ وَلَدٌ} فإذا لم يكن له ولد فالمال كله لهما {فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَواهُ} فقط {فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ} والباقي للأب {فَإِنْ كانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ} والباقي للأب، أما إذا لم يكن له أبو لا جد فيأخذون خمسة أسداس المال يقسم بينهم للذكر مثل حظ الأنثيين، وتأخذ الأم السدس فقط وذلك كله {مِنْ بَعْدِ} أداء {وَصِيَّةٍ يُوصِي بِها} من قبل الميت {أَوْ دَيْنٍ} كان عليه ثابت في ذمته، لأن الميت يتعلق بميراثه أربعة حقوق، تجهيزه وتكفينه ودفنه وإيفاء ديونه وتنفيذ وصاياه، فيبدأ أولا بتجهيزه، ثم إيفاء ديونه ثم تنفيذ وصاياه، وما بقي يقسم بين الورثة حسبما أمر اللّه، ولا تعترضوا أيها الناس على زيادة النصيب ونقصه فهو الموافق لمصلحتكم إذا أجلتم النظر وتدبرتم العاقبة.
هذا من جهة ومن أخرى فالأمر أمر اللّه ولا معقب لأمره {آباؤُكُمْ وَأَبْناؤُكُمْ} في حق الإرث لهم أنصباء معلومة مقدرة عند اللّه، وأنتم {لا تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعًا} لتخصوه بزيادة ولا أكثر ضرا لتحرموه من الميراث فكم من أنثى أحسن من ذكور، وكم من بعيد خير من قريب، ولكن اللّه يعلم ذلك وقضت كلمته أن يكون تقسيمه الإرث على ذلك وكان هذا {فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ} لا محل للاعتراض عليها {إِنَّ اللَّهَ كانَ} ولم يزل {عَلِيمًا حَكِيمًا (11)} فيما فرض وحكم وقسم {وَلَكُمْ} أيها الأزواج {نِصْفُ ما تَرَكَ أَزْواجُكُمْ} هذا {إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُنَّ وَلَدٌ فَإِنْ كانَ لَهُنَّ وَلَدٌ فَلَكُمُ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْنَ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِينَ بِها أَوْ دَيْنٍ وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَكُمْ وَلَدٌ فَإِنْ كانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُمْ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِها أَوْ دَيْنٍ} والولد هنا يشمل الذكر والأنثى والواحد والمتعدّد، فإن كان واحدا ذكرا أخذ المال كله من فرض الأب والأم فرضا إذا كانا حيين لأنهما أصحاب فروض لا ينقطعون بعد بحال من الأحوال ولا يحرمون بتاتا من الإرث، بل قد يحجبان حجب نقصان في بعض الأحوال المعلومة في كتب الفرائض، ولنا رسالة مسماة أصح القول في الردّ والعول فيها كفاية لمن يراجعها، وإن كان اثنان فأكثر اقتسموه بينهم على السواء.
وإن كانت أنثى أخذت النصف فرضا والباقي ردا، إذا لم يكن هناك عصبة كما تقدم، وإن كن أكثر أخذن الثلثين والباقي للعصبة، وإن كانوا ذكورا وإناثا اقتسموه بينهم للذكر مثل حظ الأنثيين {وَإِنْ كانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلالَةً} أي لا ولد له ولا والد ولا حفيد ولا جد.
والوارث الذي ليس بولد ولا والد يسمى كلالة {أَوِ امْرَأَةٌ} تورث كلالة {وَلَهُ} لهذا الميت رجل كان أو امرأة {أَخٌ أَوْ أُخْتٌ} لأم {فَلِكُلِّ واحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ فَإِنْ كانُوا} الإخوة لأم {أَكْثَرَ مِنْ ذلِكَ} ثلاثة فما فوق {فَهُمْ شُرَكاءُ فِي الثُّلُثِ} ذكورهم وإناثهم على السواء لأن الشركة تقتضي التسوية وما يفضل يعطى للعصبة المبين تفصيلهم ومقدار إرثهم في علم الفرائض، وهذا أيضا يعطى لهم {مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصى بِها} من قبل الميت ذكرا كان أو أنثى {أَوْ دَيْنٍ} وقد كررت هذه الجملة أربع مرات بحسب اختلاف الموصيين، ولهذا لا يعد تكرارا إذ لابد منها لئلا يتوهم عدم القيام بالوصية أو الدين في بعض الأحوال فيظن أن حكمها غير جار في الآية المتروكة منها، مع أن إيفاء الوصية وأداء الدين مقدم على الإرث في كل الأحوال، ويجب على الموصي أن يكون بوصية {غَيْرَ مُضَارٍّ} بورثته بان يوصي بأكثر من الثلث أو يخصص وارثا بغير ما يخص به الآخر زيادة على فرضه أو يحرم وارثا، وذلك بأن يقسم تركته حال مرضه عليهم، لأن هذا كله من الإضرار المنهي عنه شرعا الموجبة للعقوق وحنق بعض الورثة على بعض، لأن الأمر بهذا التقسيم وعدم الإضرار كله صادر {وَصِيَّةً مِنَ اللَّهِ} لعباده ليتقيدوا فيها ويعملوا بأحكامها وليحافظوها {وَاللَّهُ عَلِيمٌ} بنياتكم فيحذركم من أن تتضارّوا وخاصة في آخر رمق من حياتكم لأنكم أحوج ما تكونون إلى الوفاق فيه بأن تتركوا ورثتكم منآلفين وأنتم بوقت ترجون فيه الدعاء والرضاء ورجاء فضل اللّه فتعملوا ما يغضبه وتقعوا بالإثم الذي أوله مخالفة اللّه وآخره الخلاف بين ورثتكم بما يعود عليكم بالسبّ والشتم، ونتيجته عذاب اللّه في الآخرة واللّه {حَلِيمٌ (12)} لا يعجل عقابه وإلا لأنزل البلاء حالا بمن يخالف وصاياه.
تشير هذه الآية إلى استدراك ما هفا به المريض قبل موته ليرجع عما فعله من الحيف بذلك لئلا يستحق وعيد اللّه، ولعله ينال وعده، ولذلك يسن لمن يعود المريض وقد علم بما وقع منه من المخالفة في الوصية أو غيرها أن يرشده إلى ما به رضاء اللّه ورضاء خلقه، ويحذّره عاقبة الأمر، راجع ما بيناه في الآية 182 من البقرة {تِلْكَ} الأحكام المذكورة في الإرث والوصايا واليتامى هي {حُدُودُ اللَّهِ} التي يجب عليكم الوقوف عندها فلا تعتدوها أيها الناس، وأطيعوا اللّه فيما يأمركم وينهاكم وأبقوا ورثتكم متآخين، وارجوا دعاءهم لكم بالخير، {وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها وَذلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (13)} ولا أعظم فوزا من الخلود في الجنة أبدا فتحصلوا على رضاء اللّه أيها الناس، وإياكم أن تعصوه {وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ} التي بينها في الإرث وغيره {يُدْخِلْهُ نارًا خالِدًا فِيها وَلَهُ عَذابٌ مُهِينٌ (14)} لا تطيقه قواه مع الخزي والعار.
هذا، وإن حضرة الرسول ينتظر أمر اللّه في بيان نصيب كل من ورثة أوس بن ثابت المار ذكره في الآية 7 وكان سعد بن الربيع استشهد بأحد وترك بنين وامرأتين وأمّا، وكانت زوجته راجعت حضرة الرسول أيضا بأن عما أخذ مالها ولم يدع لها شيئا، وكان قال لها ليقض اللّه في ذلك كما رواه البخاري ومسلم عن جابر، فأنزل اللّه هذه الآيات المبينة ما سألتا عنه فاستدعاهما وأعطى كلا منهم نصيبه حسبما أمر اللّه.
أما من ليس له فرض في كتاب اللّه فيدخل في قوله صلّى اللّه عليه وسلم الذي رواه البخاري عن ابن عباس ألحقوا الفرائض بأهلها فما بقي فهو لأدنى رجل ذكر.
وهذا ما يسمونه تعصيبا في علم الفرائض الواجب وتعلمه وجوبا كفائيا، لأنه من أعظم العلوم قدرا وأشرفها ذخرا وأفضلها ذكرا لأن اللّه تعالى تولى بيان تقسيمها بنفسه جلت ذاته وعظمته، أخرج بن ماجة والدَّارقطني عن أبي هريرة قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم تعلموا الفرائض وعلموها الناس فإنه (أي علم الفرائض) نصف العلم وهو أول علم ينسى، وهو أول شيء ينزع من أمتي.
وكان من برع في هذا العلم زمن الرسول زيد بن ثابت، وبعده ابن مسعود وقال صلّى اللّه عليه وسلم مخاطبا أصحابه رضوان اللّه عليهم أفرضكم زيد.
وكان سئل أبو موسى عن بنت وبنت ابن وأخت فأفتى بالنصف للبنت والنصف للأخت وأمر السائل ان يسأل ابن مسعود، فسأله فأعطى للبنت النصف ولبنت الابن السدس تكملة الثلثين وللأخت ما بقي، فعرضوه على أبي موسى فقال لا تسألوني ما دام هذا الحبر فيكم تنويها بفضله ومن هنا أخذت قاعدة اجعلوا الأخوات مع البنات عصبة، هذا وبعد أن بين اللّه تعالى لزوم الإحسان إلى النساء وإمساكهن بالجميل أو تسريحن بإحسان فيما تقدم من الآيات في سورة البقرة في الآية 241 فما قبلها وفي أوائل هذه السورة ضم إلى ذلك لزوم التغليظ عليهن ليجتنين ما يدنس كرامتهن وليحافظن على شرفهن، فهو من جملة الإحسان إليهن بحسب العاقبة.